(بُعبُع) الدروس الخصوصية! بقلم: مجدي شلبي


(بُعبُع) الدروس الخصوصية!
     لا يكاد يبدأ عام دراسي جديد؛ حتى تجتاح الأُسر، حالة من الخوف و الفزع، بسبب (بُعبُع) الدروس الخصوصية!... فلقد أدت مجانية التعليم للاتجاه الخطأ من بعض الآباء الموسرين، نحو هذا النوع من التعليم الخاص، كبديل للمصروفات التي تم إلغاؤها، من باب الزهو و المباهاة بقدرتهم على شراء كل شيء بفلوسهم؛ فحولوا منازلهم إلى مدارس خاصة، بصرف النظر عن حاجة الابن للدرس الخاص! و هو سلوك مستفز يحرصون عليه في كل مجال و مكان!.
     و شيئاً فشيئاً استشرت تلك الظاهرة المرضية ـ بسبب التقليد الأعمى ـ حتى وصلت إلى أشد الأسر فقراً و معاناةً، و مروراً بالطبقة المتوسطة؛ فوجدنا بعض الأسر تستدين لهذا الغرض، مسايرين بذلك الموضة الجديدة، مع أن أولادهم أكثر ذكاء و قدرة على الفهم و الاستيعاب، و ملتحقون بمدارس ليس لها من وظيفة سوى وظيفة واحدة و محددة: هي تعليمهم!.
إن التلميذ الذى يكلف أهله فوق طاقاتهم، بسبب تراخيه و تكاسله عن متابعـة الشرح داخل الفصل، ثم يَدعى أن الدروس الخصوصيـة ضرورة لا غنى عنها للتفـوق و النجـاح، هو تلميذ بليد و (بجـح) من الأفضل له و لأهله و للمجتمع أن يتعلم مهنة مفيدة، تُفيده و تفيد المجتمع، بعيداً عن هذا الابتزاز و (الدلع)!.
     فالاعتماد على تلك المنشطات قد عاد بالضرر على العملية التعليمية برمتها، حيث أرجع الخبراء و المتخصصون السبب في تدنى المستوى العلمي و الثقافي للخريجين، إلى عفريت الدروس الخصوصية، الذى قمنا بتحضيره خارج المدارس بإرادة حرة، لكننا لم نستطع أن نصرفه حتى بالقرارات التي تهدد و تتوعد!.
     إننا يجب أن نُعَظم دور المعلم الذى كاد أن يكون رسولاً، و تحفيزه مادياً و معنوياً حتى لا يُضطر إلى التسول بعلمه!، و أصبح من الضروري أيضاً أن يتغير نمط التعليم الذي يعتمد على التلقين و الحفظ؛ بإتاحة مساحة أكبر لحرية البحث و إعمال الفكر، مع العمل بقدر المستطاع على تشجيع المواهب و القدرات، و رعاية المتميزين عقليا باعتبارهم ثروة فكرية و عقلية واعدة.
     وأخيراً و ليس آخراً: العمل على تقليل كثافة الفصول، بحيث لا يتجاوز عدد تلاميذ كل فصل عن عشرة تلاميذ فقـط، و بذلك تتاح فرصة متابعة كل تلميذ على حده، و إعطاء التلميذ فرصة كي يسـأل و يناقـش ويحـاور، و ذلك لتنميـة الملكة الفكرية والعقلية، التي هي لُب العملية التعليمية و جوهرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر مقالي هذا في باب حوار الأسبوع بمجلة روزاليوسـف العدد {3773} بتاريخ 30/9/2000 صفحة 67