من يمنع ضرب الأطفال في المنازل؟!
بعد صدور قرارات منع
ضرب الأطفال داخل المدارس، من الذي يملك سلطة منع ضرب الأطفال داخل المنازل؟!
فباسم التربية و تهذيب الأبناء تُرتكَب أحياناً جنح القذف و السب و الضرب و جنايات
ترويع آمنين و شروع في محو شخصية طفل؛ باستخدام القوة و العنف!.
باسم التربية و تهذيب الأبناء على طريقة
وحدوووه؛ يمارس بعض أولياء الأمور مهنة حانوتية "ترابية"؛ فيكفنون
النبوغ و التفرد، و يدفنون الموهبة و الإبداع و الابتكار، و يهيلون التراب على
البراءة و الحب و الحنان!.
نسينا أن من حق الطفل أن يسأل و يحاور و يجادل،
و واجبنا أن نجيب و نتفهم و نتعقل و نصبر… يريد البعض إلغاء شخصية الطفل الخاصة و كيانه
المختلف… يريدون أطفالاً نسخاً متطابقة شكلاً و موضوعاً، على طريقة النعجة
"دوللى"!.
نسينا أن لكل جيل مفرداته الفكرية و تطلعاته
المستقبلية، نسينا أن ممارسة القهر ضد الطفل تعد الطريقة المثلى لتفريخ العنف
المضاد، المتمثل في العداء للمجتمع و الأسرة و النفس.
نسينا أن من حق الطفل أن يعيش طفولته و لا يحيا
كهولتنا، أن يحيا سعادته و لا يعيش تعاستنا و تجهمنا و كآبتنا.
إننا في حاجة ماسة لقانون يحترم إنسانية
الطفل، و حقه في العيش الآمن الكريم، و توقيع أشد أنواع العقوبة على مرتكبي العنف
و القهر ضد الطفل، الذى لا حول له و لا قوة؛ فيكون القانون سنده من ضعف، و أمانه
من خوف، حتى لو اقتضى الأمر انتزاع الطفل من أبوين غير أمينين عليه.
و لن أتحدث عما يلاقيه أطفال صغار من معاملة
غير إنسانية في الورش و المحال العامة… و لن أتحدث عما يلاقيه أطفال صغار من
استغلال لبراءتهم في ابتزاز المواطنين و استدرار عطفهم، بالتسول بهم في الطرقات!،
فهناك ترسانة من القوانين الخاصة التي تحمي هؤلاء الأطفال، و تتعامل مع فاقدي
الأهلية التربوية، و تمنحهم شهادة سوء "معاملة الأطفال"، و التي تعد بحق
شهادة العار على حاملها.
إننا في حاجة لتغيير نظرتنا للطفل، و معاملتنا
له، و نحتاج لتغيير مفهومنا عن التربية و التهذيب، بعيداً عن الشخط و النطر، و الفلكة
و الكرباج… إننا في حاجة لمحو الشعار الذي عشش كالعنكبوت في أذهان البعض:
"العصا لمن عصا"، ونستبدل به شعار "الحب الذى يصنع المعجزات".
إننا في حاجة لإنشاء جمعية لحماية الطفل...
و بعد أن نجحت حملات التطعيم ضد الأمراض البدنية، نجاحاً منقطع النظير؛ نحتاج إلى
حملة قومية لتطعيم الطفل طُعم الحرية، ضد القهر و ضد الضرب… حملة قومية ضد الرعب و
شلل الفكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشر
مقالي هذا في باب (حوار الأسبوع) بمجلة روزاليوسف العدد (3914) بتاريخ 14/6/2003
صفحة 80