... كملت!


... كملت!
      أثناء سيري بمنطقة رمسيس؛ شاهدت جماهير غفيرة تلتف حول أحد اللصوص، فانتشيت فرحاً، و استبشرت خيراً؛ فأول الغيث قطرة، و البقية تأتى من جـوه وبـره... و تخيلت أن أيادي محاربة الفساد قد امتدت إلى القاع أيضاً، لتطال حرامي الحلة و الطشت والقبقاب!.
     و من عجب أنه على بعد خطوات، تكرر المشهد؛ فأسقط في يدي، و تباطأت خطواتي، و ترنحت قدماي…! ما القصـة بالضبط ؟! حرامي آخر فط و نط، غاوى فـراخ وحبل غسيل... و دش!.
     دسست رأسي بين الواقفين؛ فرأيت عجباً: شاب يُمسك بيده جهازاً بدائياً غامضاً، و يصيح في الناس مباهياً بقدرته على تعليم الحجر فنون السـرقة: "القادر على شراء الدش يشـتريه، و غير القادر؛ حرامي الدش بتاعي يكفيه"!.
     لقد أصبت بالخجل و أنا أقارن بين مواطنين يبتكرون و يصممـون و يخترعون، و يسـلكون الطرق القانونية للحصول على براءات الاختراع، وبين هـذا الفهلـوي، الذى يضحك على ذقون البعض؛ فيروج لهم بطريق النصب و الغـش، وسائل يتباهى بتسـميتها (حرامـــى الدش!)؛ فيبيع لهم الهواء في علبة صفيح، على طريقة شربة عم محمود، التى تعالج أمراض الدنيا... إلا الوهم و الجهل!... و ما داهية ليكونوا كاتبين عليه: (حرامي الدش صناعة مصرية)... تبقى كملت!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشـر مقالي هذا في مجلة روزاليوسف بتاريخ 9/ 11/ 2002 صفحة 35